سُفّانة بنت حاتم الطائي
سيرتها
أصابت خيل رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ابنة حاتم الطائي في سبايا طيّ فقدمتْ بها على رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- فجُعِلَتْ في حظيرة بباب المسجد فمرّ بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقامت إليه وكانت امرأة جزلة فقالت: (يا رسول الله هَلَكَ الوالِد وغابَ الوافد)... فقال: (ومَنْ وَافِدُك؟)... قالت: (عدي بن حاتم)...
قال: (الفارُّ من الله ورسوله؟)... ومضى حتى مرّ ثلاثاً فقامت وقالت: (يا رسول الله هَلَكَ الوالِد وغابَ الوافد فامْنُن عليّ مَنّ الله عليك)... قال: (قَدْ فعلت، فلا تعجلي حتى تجدي ثقةً يبلّغك بلادك، ثم آذِنِيني)...
وفي رواية أخرى أن سُفانة قد قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا مُحَمّد ! إن رأيتَ أن تخلّي عنّي فلا تشمِّت بي أحياء العرب ؟! فإنّي ابنة سيّد قومي، وإنّ أبي كان يفُكّ العاني، ويحمي الذّمار، ويُقْري الضيف، ويُشبع الجائع، ويُفرّج عن المكروب، ويفشي السلام ويُطعم الطعام، ولم يردّ طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم الطائي)...
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا جارية، هذه صفة المؤمن حقاً، لو كان أبوك إسلامياً لترحّمنا عليه خلّوا عنها فإن أباها كان يُحِبّ مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق)...
وقدم ركب من بليّ، فأتت الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقالت: (قدِمَ رهط من قومي)... فكساها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحملها وأعطاها نفقة، فخرجت حتى قدمت على أخيها فقال: (ما ترين في هذا الرجل)... فقالت: (أرى أن نلحق به)... وأسلمت وحسن إسلامها...
سمية بنت خُبّاط
سيرتها
سميـة بنت خُبّـاط (أو خَبط) مولاة أبي حذيفة بن المغيـرة وكان ياسر حليفاً لأبي حذيفة، فزوّجه سمية فولدت له عمّاراً فأعتقه، وكانت سمية سابعة سبعة في الإسلام هي وآل ياسر...
العذاب
عذّب آل بني المغيرة (بني المخزوم) آل ياسر على إسلامهم، وهم صابرين محتسبين، بالأبطح في رمضاء مكة، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يمرّ بهم ويقول: (صبراً يا آل ياسر، فإنّ موعدكم الجنة)...
الشهادة
لقد كانت سمية عجوزاً كبيرة ضعيفة، جاء أبو جهل إليها وطعنها بحربة فقتلها، فأصبحت أول شهيدة بالإسلام... ولمّا قُتِلَ أبوجهل يوم بدر قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعمّار بن ياسر: (قَتَلَ الله قاتل أمِّك)...
صفية بنت عبد المطلب
سيرتها
صفيّـة بنت عبـد المطلـب بن هاشم بن عبـد مناف القرشيـة الهاشمية شقيقة حمزة بن عبد المطلب، أمهما هالة بنت وهيب بن مناف بن زهرة كانت في الجاهلية زوجـة الحارث بن حـرب بن أمية، أخي أبي سفيان فمـات عنها، فتزوّجها العوّام بن خويـلد فولدت له الزبيـر والسائب وعبـد الكعبة، أسلمت صفيـة قديماً وهاجـرت الى المدينـة، وكانت أول مسلمة قتلت يهودياً، وكانت قد قاتلت يوم أحد...
بيعة النساء
لقد بايع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصحابيات على الإسلام وما مسّت يدُهُ يد امرأة منهنّ، وكانت عمّته صفية -رضي الله عنها- معهن، فكان لبيعتها أثرٌ واضح في حياتها، بإيمانها بالله ورسوله، ومعروفها لزوجها، وحفاظها على نفسها، والأمانة والإخلاص في القول والعمل...
قال تعالى: {يا أيُّها النّبي إذا جاءَك المؤمناتُ يبايِعْنَكَ على أن لا يُشْركْنَ بالله شيئاً ولا يَسْرِقْنَ ولا يَزْنينَ ولايَقْتُلن أولادهُنَّ ولا يأتيَن ببُهْتانٍ يفترينه بين أيْديهنَّ وأرجُلهنَّ ولا يَعْصينك في معروفٍ فبايعْهُنّ واستغفرْ لهُنَّ الله إنّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ}...
فضلها
لم تكن صفية -رضي الله عنها- لتنسى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أول أيام إسلامها، لمّا نزل قوله تعالى... {وأنذر عشيرتك الأقْربين}...
قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: (يا فاطمة بنت محمد، يا صفية بنت عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئاً، سلوني من مالي ما شئْتُمُ)... فخصّها بالذكر كما خصّ ابنته فاطمة أحب الناس إليه...
جهادها
لم يفرض الإسلام على المرأة الجهاد كما فرضه على الرجل، ولكنه لم يمنعها من التطوع له إن كانت قد رأت في ذلك ضرورة، ولقد كانت صفيّة -رضي الله عنها- من اللواتي قد شاركن المجاهدين يوم أحُد، فقد جاءت وقد انهزم الناس، وبيدها رمح تضرِبُ في وجوه الناس وتقول: (انهزمتم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-!)... تنكر عليهم ذلك، وتحُثَّهم على الثبات...
وعند مصرع أخيها حمزة -رضي الله عنه- كانت رابطة الجأش قوية صابرة، لم تخُرْ عزيمتها وقالت: (ذلك في الله!... فما أرضانا بما كان من ذلك، لأحتَسبنَّ ولأصبرنَّ إن شاء الله)...
وفي غزوة الخندق كان لها موقف لا مثيل له في تاريخ نساء البشر، وتقول صفية عن نفسها في ذلك: (أنا أول امرأةٍ قتلـتْ رجـلاً)... وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمّا خرج الى الخندق، جعل نساءَه في أطُمٍ -مكان مرتفع- يقال له فارع، وجعل معهن حسان بن ثابت وهو يناهز الستين من العمر، فجاء إنسان من اليهود، فرقي في الحصْن حتى أطلّ عليهم، قالت صفية لحسان: (قُم فاقتله)... فقال: (لو كان ذلك فيّ كنت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)...
قالت صفية: (فقمت إليه فضربته حتى قطعتُ رأسه، وقلت لحسان: (قم فاطرحْ رأسه على اليهود، وهم في أسفل الحصن)... فقال: (والله ما ذلك إليّ)... قالت: (فأخذتُ رأسه فرميت به عليهم)... فقالوا: (قد علمنا أن هذا لم يكن ليترك أهله خُلواً ليس معهم أحد)...
وفاتها
توفيت -رضي الله عنها- في خلافة عمر سنة عشرين، ولها من العمر ثلاث وسبعون سنة، ودفنت في البقيع...
عاتكة بنت عبد المطلب
سيرتها
هي عاتكة بنت عبد المطلب بن هاشم القرشية الهاشمية، عمّة الرسـول الكريم كانت زوجة أبي أمية بن المغيرة، والد أم سلمة زوج النبـي -صلى الله عليه وسلم-، رُزِقت منه عبد الله وزهير وقُرَيْبَة وغيرهما، أسلمت بمكة وهاجرت الى المدينة، عبد الله لم يُسلم، ولكن الزهير كان ممن سعى في نقض الصحيفة التي تعاهدت فيها قريش على مقاطعة النبـي -صلى الله عليه وسلم- والذين اتبعوه، ثم أسلم -رضي الله عنه-...
الرؤيا
كانت عاتكة بنت عبد المطلب قد رأت رؤيا أفزعتها، وعظمت في صدرها، فأخبرت بها أخاها العباس بن عبد المطلب، وقالت: (اكتم عليّ مما أحدثك)... فقال لها: (وما رأيت؟)... قالت: (رأيت راكباً أقبل على بعير له، حتى وقف بالأبطح، ثم صرخ بأعلى صوته، يا آل غُدْرٍ انفروا إلى مصارعكم، في ثلاث، صرخ بها ثلاث مرّات، فأرى الناس اجتمعوا إليه فدخلوا المسجد، والناس يتبعونه، فبينما هم حوله مَثَل بِهِ بعيره على ظهر الكعبة، ثم صرخ بمثلها ثلاثاً: ألا تنفروا يا آل غُدْرٍ إلى مصارعكم، في ثلاث، ثم مثل به بعيره على رأي -جبل- أبي قُبَيْس، فصرخ بمثلها ثلاثاً، ثم أخذ صخرة من أبي قُبَيْس فأرسلها فأقبلت تهوي حتى إذا كانت بأسفل الجبل انفضت -تفتت- فما بقي بيتٌ من بيوت مكة ولا دار من دور مكة إلا دخلته منها فلذةٌ، ولم يدخل داراً ولا بيتاً من بيوت بني هاشم ولا بني زهرة من تلك الصخرة شيئاً)...
فقال أخوها العباس: (والله إن هذه لرؤيا، وأنت فاكتميها ولا تذكريها لأحد)...
قريش والرؤيا
ثم خرج العباس مغتماً فلقيَ الوليد بن عتبة بن ربيعة، وكان صديقاً له فذكرها له واستكتمه إياها، فذكرها الوليد لأبيه عتبة، ففشا الحديث بمكة حول الرؤيا حتى تحدّثت به قريش في أنديتها، قال العباس: فغدوت لأطوف بالبيت، وأبو جهل في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة، فلما رآني أبو جهل قال: (يا أبا الفضلِ إذا فرغت من طوافك فاقبل علينا)... فلمّا فرغت أقبلت حتى جلست معهم، فقال لي أبو جهل: (يا بني عبد المطلب، متى حدثت فيكم هذه النبيّة؟)... قلتُ: (وما ذاك؟)... قال: (تلك الرؤيا التي رأت عاتكة؟)... فقلت: (وما رأت؟)...
قال: (يا بني عبد المطلب، أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم ؟ قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال: انفروا في ثلاث، فسنتربّص بكم هذه الثلاث، فإن يـكُ حقاً ما تقول فسيكـون، وإن تمضِ الثلاث ولم يكن من ذلك شيء، نكتب عليكم كتاباً أنّكم أكـذب أهل بيت في العرب)... قال العباس: (فوالله ما كان مني إليه كبير إلا أني جحدت ذلك، وأنكرت أن تكون قد رأت شيئاً، ثم تفرّقنا)...
نساء عبد المطلب
يقول العباس: (فلمّا أمسيت لم تبقَ امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني، فقالت: (أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم، ثم قد تناول النساء وأنت تسمع، ثم لم يكن عندك غيرٌ لشيء مما سمعت ؟)... قلت: (قد والله فعلت، ما كان مني إليه من كبير، وأيم الله لأتعرَّضنَّ له، فإن عاد لأكفينكُنّه)...
تحقيق الرؤيا
قال العباس: (فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة، وأنا حديد مُغضَبٌ أرى أني قد فاتني منه أمرٌ أحب أن أدركه منه، فدخلت المسجد فرأيته فوالله إني لأمشي نحْوه أتعرّضه، ليعود لبعض ما قال فأقع به، وكان رجلا خفيفا حديد الوجه، حديد اللسان، حديد النظر، فما أن رآني إذ خرج يشتدّ نحو الباب فقلت في نفسي: (ما له لعنه؟ أكلُّ هذا فَرَقٌ مني -أي خوف مني-، وإذا هو قد سمِعَ ما لم أسمع، سمع صوت ضَمْضَم بن عمرو الغفاريّ، وهو يصرخ ببطن الوادي، واقفاً على بعيره قد جَدَعَ بعيره وحوّل رحله، وشقّ قميصه وهو يقول: (يا معشر قريش، اللطيمة اللطيمة!! أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه، لا أرى أن تُدركوها، الغَوْثَ الغَوْثَ!!)... قال العباس: (فشغلني عنه وشغله عني ما قد جاء من الأمر)...
وبذلك تحقق رؤيا عاتكة -رضي الله عنها-، ويُساق أشراف قريش الى مصارعهم في بدر، وعلى رأسهم أبو جهل الذي قتله الله تعالى على يدِ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شرّ قتلة، فكانت هذه الرؤيا في نفس عاتكة تزيدها يقيناً وتصديقاً برسول الله تعالى، وأنه ناصره ومؤيد دينه، وخاذل عدوه...
فاطمة بنت الخطاب
سيرتها
فاطمة بنت الخطاب بن نُفيل القُرشية العدوية أخت عمر-رضي الله عنه-... أسلمت مع زوجها سعيد بن زيد قديماً، ولعل أعجب أخبارها خبرها في إسلام عمر
الأخت والختن والإسلام
يقول عمر بن الخطاب: (خرجت بعد إسـلام حمزة بثلاثة أيام فإذا فلان ابن فلان المخزومي فقلت له: (أرغبت عن دين آبائك إلى دين محمـد؟)... قال: (قد فعل ذلك من هو أعظم عليك حقّاً منّي)... قلت: (ومَنْ هو؟!)... قال: (أختك وخَتْنُك)... فانطلقت فوجدتُ الباب مغلقاً، وسمعت همهمة ففُتِحَ لي الباب فدخلت، فقلت: (ما هذا الذي أسمع؟)... قال: (ما سمعتَ شيئاً)... فما زال الكلام بيننا حتى أخذتُ برأسها فقالت: (قد كان ذلك على رغم أنفك)... فاستحييت حين رأيتُ الدم، وقلتُ: (أروني الكتاب)... فذكر القصة بطولها...
لبابة بنت الحارث
سيرتها
لَبابَةُ بنت الحارثِ بن حَزْنٍ الهلالية، أخت لبابة الصغرى وإنها تلقب العصماء وأمها بنت عامر الثقفية، وهي والدة خالد بن الوليد الصحابي الجليل...
وفاة خالد
لمّا مات خالد بن الوليد خرج عمر في جنازته، فإذا أمه تَنْدُبه وتقول:... أنت خيرٌ من ألفِ ألفٍ من القَوْمِ إذا ما كنتَ في وجوهِ الرجال فقال عمر: (صدقت والله إن كان لكذلك)...
نسيبة بنت كعب
سيرتها
نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف... بن مازن بن النجار الأنصارية وكنيتهـا أمُّ عمارة، كانت هـي وأختها في بيعـة العقبة الثانية وبايعتا الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وقد حضر معها زوجها زيد بن عاصم وابنها حبيب...
غزوة أحد
خرجت نسيبة يوم أحد ومعها سقاء وفيه ماء، فانتهت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في أصحابه، والدولة والربح للمسلمين، فلمّا انهزم المسلمون انحازت إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فكانت تباشر القتال وتذود عنهم بالسيف، وترمي عن القوس حتى جُرِحَت على عاتقها جُرحاً أجوفاً له غَوْر، أصابها به ابن قُميئة...
وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لمقامُ نسيبة بنت كعب اليومَ خيرٌ من مقام فلانٍ وفلان)... وكان يراها تقاتل أشدَّ القتال، وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها حتى جُرِحَت، وقد قالت للرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ادْعُ الله أن نرافقك بالجنة؟!)... فقال: (اللهمَّ اجعلهم رفقائي في الجنة)... فقالت: (ما أبالي ما أصابني من الدنيا)...
وقد جُرِحَ يوم أحد ابنها عبد الله في عَضُده اليسرى، ضربه رجل ورحل عنه، وجعل الدم لا يرقأ، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (اعْصِبْ جُرْحَك)... فأقبلت أمه نسيبة ومعها عصائب قد أعدّتها للجراح، فربطت جُرْحَه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- واقف ينظر إليه، ثم قالت: (انهضْ بنيّ فضارِب القومَ)...
فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ومَنْ يُطيقُ ما تُطيقينَ يا أمَّ عمارة؟!)... وأقبلَ الرجلُ الذي ضرب ابنها فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هذا ضارب ابنك)... فاعترضته وضربت ساقه فبرَكَ، فابتسم الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى رأت نواجذه وقال: (اسْتَقَدْتِ يا أمَّ عمارة)... وعندما أتوا على نفسه قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الحمدُ لله الذي ظفّركِ وأقرّ عينك من عدوّك، وأراك ثأرَكِ بعينِك)...
ولمّا انكشف الناس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقيت السيدة نسيبة وزوجها وابناها بين يديه يذُبّوا عنه، والناس يمرون به منهزمين، ورآها الرسـول الكريـم ولا ترسَ معها فرأى رجـلاً مُوليّاً معه ترس، فقال له: (ألقِ تُرْسَـكَ إلى مَنْ يُقاتِل)... فألقى تُرْسَـه، فأخذته نسيبة وتروي ذلك قائلة: (فجعلت أتترَس به عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنّما فعلَ بنا الأفاعيلَ أصحابُ الخيل، لو كانوا رجّالةً مثلنا أصبناهم إنْ شاء الله، فيُقبل رجلٌ على فرسٍ فضربني، وتترّسْتُ له فلم يصنع سيفه شيئاً، وولّى، وأضرب عُرْقوب فرسِهِ، فوقع على ظهره، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يصيح: (يا ابن أم عمارة أمَّكَ أمَّكَ!)... فعاونني عليه حتى أزْوَرْتُهُ شَعُوب)...
ثم نادى منادي الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى حمراء الأسد لملاحقة قريش، فشدّت عليها ثيابها، فما استطاعت من نزف الدم، ولمّا رجع رسول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- أرسل إليها عبد اللـه بن كعب المازنيّ يسأل عنها، فرجع إليه يخبره بسلامتها، فسُرَّ الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- بذلك...
مقتل حبيب
رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يبعث لمسيلمة الكذاب رسالة ينهاه فيها عن حماقاته، وحمل حبيب بن زيد الرسالة، وفض مسيلمة كتاب رسول الله له فازداد ضلالا وغرورا، فجمع مسيلمة قومه، وجيء بمبعوث رسول الله وأثار التعذيب واضحة عليه، فقال مسيلمة لحبيب: (أتشهد أن محمدا رسول الله؟)...
وقال حبيب: (نعم، أشهد أن محمدا رسول الله)... وكست صفرة الخزي وجه مسيلمة، وعاد يسأل: (وتشهد أني رسول الله؟)... وأجاب حبيب في سخرية: (اني لا أسمع شيئا!!)... وتلقى الكذاب لطمة قوية أمام من جمعهم، ونادى جلاده الذي أقبل ينخس جسد حبيب بسن السيف ثم راح يقطع جسده قطعة قطعة، وبضعة بضعة وعضوا عضوا... والبطل العظيم لا يزيد على همهمة يردد بها نشيد إسلامه: (لا اله إلا الله، محمد رسول الله)...
معركة اليمامة والثأر
أقسمت أم البطل نسيبة بنت كعب على الأخذ بالثأر لابنها حبيب من مسيلمة الكذاب فشهدت اليمامة مع ابنها عبدالله تحت إمرة خالد بن الوليد وقُتِلَ مسيلمة وقُطِعَت يدها في الحرب، وجُرِحَت اثني عشر جُرْحاً... وقد كان أبو بكر الصديق الخليفة آنذاك يأتيها يسأل عنها... رضي الله عنها وأرضاها...
هالة بنت خويلد
سيرتها
هالة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشية الأسدية أخت خديجة زوج الرسول -صلى الله عليه وسلم- ووالدة أبي العاص بن الربيع...
الاستئذان
استأذنت هالـة بنت خويلـد، أخت خديجة على رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- فعَرَف استئذانَ خديجة فارْتَاعَ لذلك وقال: (اللهم! هالة بنت خويلد!)... فغارت السيدة عائشة وقالت: (ما تذكر من عجوزٍ من عجائزِ قريش، حمْراءِ الشِّدقين، هلكتْ في الدهر، فأبدلكَ الله خيراً منها؟!)... فتمعَّرَ وَجْهُهُ تمعُّراً ما كانت تراه إلا عند نزول الوحي أو عند المخيلة حتى ينظرَ أرحمة أم عذاب...
تحياتي للجميع