تحقيق: نورة ناصر
من المتداول ان زوجة الاب تحمل في اعماقها كرها كبيرا لأبناء زوجها وقد روجت السينما لهذه الفكرة وتطرق لها الكتاب في رواياتهم، وتناولتها الاساطير قبلهم. ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه: هل حقا تحمل زوجة الاب في اعماقها الشر دائما؟ هل هي انسانة مجردة من المشاعر والاحاسيس ولا تعرف معنى الحنان؟ ام انها تكون ـ احيانا ـ البديل عن الام الحقيقية؟
لمعرفة المزيد كان هذا التحقيق.
محسن العبدالهادي يرفض تعميم صورة زوجة الاب الشريرة ويقول:
صورة زوجة الاب الشرسة الشريرة هي صورة شائعة ومعروفة منذ الازل، وقد لعب الاعلام دورا واضحا لترسيخ هذه الصورة بما قدمه من مسلسلات وافلام تؤكد هذه الحقيقة التي لا يمكننا ان ننكرها، وان كنا لا نعممها. كما لعبت الروايات والاساطير والحكايات الشعبية دورا كبيرا في تعزيز هذه الصورة، بما قدمته من احداث مثيرة صورت شراسة زوجة الاب وحقدها على ابناء زوجها، فأنا ما زلت اتذكر الحكاية التي حكتها لي جدتي والمعروفة بحكاية الطير الاخضر، حيث ذبحت زوجة الاب ابن زوجها وطبخته وقدمته لزوجها ولضيوفه في وجبة الغداء.
أما امل الناصر فترى أنه من الخطأ التعميم:
ان مثل هذه الصورة موجودة بالحقيقة، وكما يقال ان الشر يعم والخير يخص، ومع ذلك لا يمكن ان ننكر ان هناك زوجات اب ساهمت في خراب البيوت بسبب حقدهن على اولاد ازواجهن وقلوبهن القاسية التي لا تعرف الحنان، وانانيتهن المفرطة المميتة، حيث يتمنين الخير لهن ولابنائهن فقط، وتقتلهن الغيرة تجاه ابناء الزوج.
ومع ذلك فمن الخطأ ان نعمم ذلك على جميع زوجات الاب فلو نظرنا الى اصابعنا لوجدناها مختلفة، ولا يوجد اصبع يشابه الاخر.
وتوضح منى الشطي:
ان زوجة الاب قد تكون قنبلة موقوتة في المنزل، خصوصا عندما تمتلكها مشاعر الحق والغيرة تجاه ابناء زوجها الابرياء، فتحاول ان تفرق بينهم وبين ابنائها الذين يعتبرون اخوانهم من الاب، فيشعرون بالقهر والحرمان، وربما تسبب مثل هذه التفرقة في المعاملة تكوين عقدة نفسية مستقبلا، وربما يحتاجون الى اختصاصيين نفسيين لمعالجة مثل هذه العقد.
وهناك عدد من زوجات الاب يحملن الحقد في قلوبهن تجاه ابناء الزوج، لكنهن بخبثهن ودهائهن يظهرن عكس ما يبطن، فيتظاهرن بالحب وبالطيبة بل بالتضحية، ولكن في مواقف معينة تظهر حقيقتهن المخبأة، فيثرن كالبركان او ينفجرن كالقنبلة الموقوتة.
الصورة الاخرى
فائقة الكيالي تعطي الصورة الاخرى لزوجة الاب: ـ وجود زوجة الاب الظالمة لا يلغي وجود زوجة الاب التي تحمل في صدرها مشاعر الامومة تجاه ابناء زوجها، فأنا لم اعش هذه التجربة ولكني شاهدت عددا من السيدات اللاتي شاءت اقدارهن ان يكن زوجات اب يعاملن ابناء الزوج معاملة حانية ولا يفرقن بين ابنائهن الحقيقيين وابناء الزوج، خوفا من الله تعالى واحتسابا للاجر العظيم. وقد تكون زوجة الاب احيانا احن من الام نفسها، فبعض الامهات هن كذلك بالاسم فقط، فالام ليست التي تحمل وتلد، بل التي تربي وتسهر الليالي وتحن وتعطف.
وتؤيدها في الرأي جنان عدنان حيث تؤكد ان هناك زوجات اب قدمن كثيرا من التضحيات من اجل ابناء الزوج:
هناك عدد كبير من الافراد الناجحين كانت زوجة ابيهم سببا في نجاحهم وتفوقهم، بل سببا في توليهم أعلى المناصب لما حصلوا عليه من شهادات عالية، ودرجات متفوقة في مختلف التخصصات، الا ان الصورة السائدة مع الاسف ان زوجة الاب لا تحب ابناء زوجها، وتقسو عليهم.
والغريب انه عندما تعنف الام ابناءها عشرات المرات في اليوم الواحد، ننظر اليها على انها الام الحنون، ولو عنفتهم زوجة الاب مرة واحدة فهي في نظرنا زوجة الاب القاسية، علما بان شقاوة الاطفال عندما تتجاوز الحدود يمكن ان تخرج اي انسان عن طوره.
اعترافات زوجة اب
تعترف اماني ناصر، وهي زوجة اب، انها تغار بالفعل من ابناء زوجها وتقول بصراحة:
فاتني القطار كما يقولون فاضطررت الى الزواج من زوج له تجربة سابقة في الزواج (مطلق) وله ثلاثة ابناء، يعيشون مع امهم لكنهم يزورون والدهم كل يوم خميس. وعند الخطبة اخبرني بذلك واخبرني انه يلغي كل التزاماته ومواعيده في يوم الخميس لانه خصصه لابنائه، وعليه فلا بد ان اعد لهم الغداء وان اقابلهم واحاورهم ونجلس سويا جلسة عائلية، فوافقت وظنت ان الامر سيمر بسهولة.
ولكن بعد الزواج دبت الغيرة في قلبي، وصرت اكره يوم الخميس، وينتابني الاكتئاب من يوم الاربعاء، لان الخميس قادم بعده.
لقد تمنيت ان يكون زوجي لي وحدي ولا يشاركني احد فيه، لانه يحمل محبة كبيرة لاولاده ويداعبهم ويقبلهم ويلعب معهم وكأنهم صغار، على الرغم من ان ابنتيه في المرحلة الثانوية، ومع مرور الايام والاشهر قمت اتذمر من الداخل من دون ان اظهر ذلك الحقد، واخذت اسأل نفسي: هل انا الخادمة التي تعد الغداء لابناء غير ابنائها؟ هل انا عروس فعلا؟ وكيف اكون عروسا وانا ارتبط اسبوعيا بأبناء ليسوا ابنائي.
عندها بدأت اخترع الحجج لكي اتهرب من الطبخ يوم الخميس، كأن ادعي انني مريضة واشعر بدوار، واحيانا أتظاهر بالوحم، وذلك قبل الحمل، وعندما حملت فعلا تظاهرت بالمرض وبالوحم الشديد، وانني لا اقوى على رائحة الطبخ وكان زوجي يصدقني لانه لا يعرف الكذب، اما انا فعشت حياتي معه في كذب وخداع وخطط، احاول من خلالها ان اظهر حبي لابنائه واخفي كرهي لهم، وحتى انسيه ابناءه الثلاثة انجبت له اربعة ابناء لينسى السابقين ويعيش مع ابنائه الجدد الذين جاءوا مني لا من زوجته الاولى، اقصد طليقته'.
جحود ونكران
اما نورية سلطان السلطان فتجربتها مع ابناء زوجها مختلفة تماما، انها تجربة جنت من ورائها النكران والجحود:
تزوجت زوجي وانا في سن صغيرة، كان يكبرني سنا الا ان المجتمع الكويتي آنذاك كان يسمح بمثل هذه الظاهرة الا وهي زواج الشيخ من فتاة صغيرة، او زواج الرجل الناضج من فتاة تصغره بعشر سنوات.
كان زوجي متزوجا ابنة خالته، وانفصلا بعد ان انجبت له خمسة ابناء. وبعد ان ارتبط بي تنازلت مطلقته عن ابنائها الخمسة وتركتهم يعيشون معي فكنت لهم الام والاخت والصديقة، ولم اشعر ابدا بأنني زوجة اب، حتى بعد ان انجبت اولادي، بل لم افرق بينهم وبين اولادي، وفي احيان كثيرة كان اولادي يغيرون من اخوانهم من ابيهم، لرعايتي وتدليلي لهم، فلم اكن ارفض لهم طلبا وكنت ابحث عن راحتهم وعما يسعدهم، وكنت اغدق عليهم المال من دون علم والدهم.
ومرت السنوات، وبعد ان صاروا رجالا وتعينوا في احسن المناصب عادوا إلى أمهم، وتزوج بعضهم، ولم يعودوا يزوروني خاصة بعد موت والدهم، حتى انني لم التق بزوجاتهم، ولم ار ابناءهم، لقد انكر ابناء زوجي المعروف، ولم يعيروني اي اهتمام، ولم يكلفوا انفسهم زيارتي حتى في رمضان وفي الاعياد، على الرغم من انني لم اضرهم ولم اعنفهم، في يوم ما، ولم اضايقهم او اجرحهم بكلمة'.
تجربتان مختلفتان
وحتى تكتمل الصورة فلا بد ان نلتقي بابناء شاءت اقدارهم ان يعيشوا تحت كنف زوجة الاب، اما بسبب الطلاق وإما بسبب الموت، وإما لاسباب اخرى، ونعرض هنا تجربتين مختلفتين تماما.
منى محمد زيد ذاقت مرارة زوجة الاب وقسوتها وظلمها، تروي قصتها قائلة:
فتحت عيني على الدنيا لاجد نفسي اعيش مع زوجة ابي، فقد طلق والدي والدتي وانا في الصف الاول الابتدائي، وبعد خروج امي من العدة تزوجت برجل آخر، فأخذني والدي لأعيش معه ومع زوجته الجديدة، رضخت للأمر لأنني لا املك القرار، ولا املك تغيير القوانين.
وحاول والدي ان يثأر من والدتي لأنها تزوجت فحرمني منها، ومنعني من زيارتها حتى في الاعياد، وكانت المسكينة تقف بعيدا عند انصرافي من المدرسة لتلقي علي نظرة، والقي انا كذلك عليها نظرة، كنت اتمنى ان احضنها وان اقبلها، لكنني اخاف ان يراني والدي، فيسبب لها مشاكل، او يشتمها في الشارع او حتى يضربها، لأن والدي عنيف يده تسبق لسانه، ولعل هذا كان السبب الاول لطلب امي الطلاق منه.
لقد دلل والدي زوجته الجديدة وعندما طلبت منه في اول يوم دخلت فيه البيت ان اساعدها في اعمال المنزل، وافق ورحب بذلك لأنه ظن انها سوف تهيئني لأن اكون 'ست بيت' ماهرة مستقبلا، فتمادت زوجة ابي وكانت تثقلني بكل اعباء المنزل، وخصوصا عندما يكون والدي في عمله، كنت اغسل الاواني واكنس واقوم بكي الملابس وكل هذه الاعمال كنت اقوم بها وانا في المرحلة الابتدائية، وعندما دخلت المرحلة المتوسطة علمتني زوجة ابي الطبخ لكي اقوم بكل اعمال المنزل، خاصة في العطل الصيفية. اما في فترة الدراسة فكنت اجد المدرسة المتنفس الوحيد للعب بل اراها المنقذ من اعباء المنزل ومن قسوة زوجة ابي التي قتلت الطفولة في. فعندما كانت تزورها صديقتها ومعها ابنتها التي هي في مثل عمري، كانت زوجة ابي تمنعني من اللعب مع ابنة صديقتها، وتطلب مني ان اعد الشاي ولوازم الضيافة ثم بعد ذلك اغسل الأواني واقدم القهوة. وعندما تشاهدني ابنة صديقتها بهذا الوضع كانت تساعدني في اعمال المنزل حتى انتهي بسرعة، وبالتالي يتوافر لنا متسع من الوقت للعب.
انني لا اتذكر من زوجة ابي سوى القسوة والظلم، لأنها بعد انجبت كانت تفرق بالمعاملة بيني وبين ابنائها، وخصوصا البنات، فقد كن مدللات لا يقمن بأي عمل في المنزل، وكنت انا من تقوم بخدمتهن، حتى ان زوجة ابي رفضت جلب خادمة، وادعت ان الخادمات شر في المنزل. وعندما كنت اطلب المساعدة من بناتها تصرخ وتقول انت الكبيرة.
لا يمكن ان انسى تفرقتها بيننا في كل شيء.. في المعاملة وفي الملبس وحتى في الطعام، فقد كان يأكل ابناؤها وانا في المطبخ وكنت آكل ما تبقى منهم، كانت تقدم لهم الحلوى وتمنعني.
مرت الايام وانا الخادمة في المنزل حتى انتهيت من الثانوية، ولأن نسبتي لم تهيئني لدخول الجامعة رفضت زوجة ابي ان ادخل التطبيقي بحجة ان دورات التطبيقي مضيعة للوقت.
وبعد مرور سنتين تزوجت شابا انقذني من ظلم زوجة ابي، ان الله هو العالم بحالي وبما عانيته من ظلم، لذلك فقد عوضني بهذا الزوج الذي اعتبره ملاكا وليس من فئة البشر. لقد منحني الحب والحنان وسمح لي بزيارة والدتي يوميا، خاصة عندما علم ان والدي حرمني من رؤيتها، وعشت معه عشر سنوات انجبت له ثلاثة ابناء، وقد اشترى لي منزلا فاخرا، او يمكن ان نسميه قصرا.
ولكن الاقدار كانت تخبئ لي صدمة اخرى من دون ان اشعر، فقد سرقه الموت مني من دون سابق انذار وهو في عز شبابه، ولكن ولله الحمد لم ارجع إلى زوجة ابي، فأنا الان مسؤولة عن ايتام، ولي منزل خاص بي واستقللت عن ابي وزوجته سامحها الله'.
تجربة رائعة
اما المهندس صلاح فتختلف تجربته مع زوجة ابيه ويرويها قائلا:
تجربتي مع زوجة ابي رائعة، ونادرة في الوجود لان زوجة ابي عملة نادرة لا يمكن ان تتكرر. لقد ماتت والدتي وانا في الخامسة من عمري، وتزوج والدي زوجته الجديدة، وعشت معه ومع زوجته في وئام وحب، لانها كانت منبع الحب والامان واساس الاستقرار. انها تتميز بطيبة القلب، وقلبها يتسع للناس كلهم، ولا تعرف سوى العطاء من دون حدود وهذا العطاء لا يقتصر علي انا وحدي، فكانت تحن حتى على الخادمة، ولم تظلمها يوما ولا تثقلها باعباء المنزل، بل في احيان كثيرة كانت تساعدها في اعمال المنزل.
هذه المرأة الطيبة لا تعرف القسوة، وكان والدي محظوظا بها، لقد اغدقت علي حبها وحنانها، وعندما انجبت الاولاد لم تفرق بينهم وبيني، وكانت تقوم بتدريسي وتحرص على مذاكرتي وتسهر الليالي معي، وعندما تصعب علي مادة وهي لا تفهمها كانت تحرص على جلب مدرس خصوصي لي، وتدفع له لان والدي كان ضد الدروس الخصوصية.
لقد وقفت معي زوجة ابي وقفة لا تقفها حتى الام نفسها، حتى تخرجت من الثانوية بنسبة 95% ودخلت كلية الهندسة وكان تشجيعها لي السبب الاول في تفوقي، وانا الان اعد الدراسات العليا للحصول على شهادة الدكتوراه، ولولاها لما وصلت اليه من تفوق ونجاح ومنصب عال'.
من المتداول ان زوجة الاب تحمل في اعماقها كرها كبيرا لأبناء زوجها وقد روجت السينما لهذه الفكرة وتطرق لها الكتاب في رواياتهم، وتناولتها الاساطير قبلهم. ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه: هل حقا تحمل زوجة الاب في اعماقها الشر دائما؟ هل هي انسانة مجردة من المشاعر والاحاسيس ولا تعرف معنى الحنان؟ ام انها تكون ـ احيانا ـ البديل عن الام الحقيقية؟
لمعرفة المزيد كان هذا التحقيق.
محسن العبدالهادي يرفض تعميم صورة زوجة الاب الشريرة ويقول:
صورة زوجة الاب الشرسة الشريرة هي صورة شائعة ومعروفة منذ الازل، وقد لعب الاعلام دورا واضحا لترسيخ هذه الصورة بما قدمه من مسلسلات وافلام تؤكد هذه الحقيقة التي لا يمكننا ان ننكرها، وان كنا لا نعممها. كما لعبت الروايات والاساطير والحكايات الشعبية دورا كبيرا في تعزيز هذه الصورة، بما قدمته من احداث مثيرة صورت شراسة زوجة الاب وحقدها على ابناء زوجها، فأنا ما زلت اتذكر الحكاية التي حكتها لي جدتي والمعروفة بحكاية الطير الاخضر، حيث ذبحت زوجة الاب ابن زوجها وطبخته وقدمته لزوجها ولضيوفه في وجبة الغداء.
أما امل الناصر فترى أنه من الخطأ التعميم:
ان مثل هذه الصورة موجودة بالحقيقة، وكما يقال ان الشر يعم والخير يخص، ومع ذلك لا يمكن ان ننكر ان هناك زوجات اب ساهمت في خراب البيوت بسبب حقدهن على اولاد ازواجهن وقلوبهن القاسية التي لا تعرف الحنان، وانانيتهن المفرطة المميتة، حيث يتمنين الخير لهن ولابنائهن فقط، وتقتلهن الغيرة تجاه ابناء الزوج.
ومع ذلك فمن الخطأ ان نعمم ذلك على جميع زوجات الاب فلو نظرنا الى اصابعنا لوجدناها مختلفة، ولا يوجد اصبع يشابه الاخر.
وتوضح منى الشطي:
ان زوجة الاب قد تكون قنبلة موقوتة في المنزل، خصوصا عندما تمتلكها مشاعر الحق والغيرة تجاه ابناء زوجها الابرياء، فتحاول ان تفرق بينهم وبين ابنائها الذين يعتبرون اخوانهم من الاب، فيشعرون بالقهر والحرمان، وربما تسبب مثل هذه التفرقة في المعاملة تكوين عقدة نفسية مستقبلا، وربما يحتاجون الى اختصاصيين نفسيين لمعالجة مثل هذه العقد.
وهناك عدد من زوجات الاب يحملن الحقد في قلوبهن تجاه ابناء الزوج، لكنهن بخبثهن ودهائهن يظهرن عكس ما يبطن، فيتظاهرن بالحب وبالطيبة بل بالتضحية، ولكن في مواقف معينة تظهر حقيقتهن المخبأة، فيثرن كالبركان او ينفجرن كالقنبلة الموقوتة.
الصورة الاخرى
فائقة الكيالي تعطي الصورة الاخرى لزوجة الاب: ـ وجود زوجة الاب الظالمة لا يلغي وجود زوجة الاب التي تحمل في صدرها مشاعر الامومة تجاه ابناء زوجها، فأنا لم اعش هذه التجربة ولكني شاهدت عددا من السيدات اللاتي شاءت اقدارهن ان يكن زوجات اب يعاملن ابناء الزوج معاملة حانية ولا يفرقن بين ابنائهن الحقيقيين وابناء الزوج، خوفا من الله تعالى واحتسابا للاجر العظيم. وقد تكون زوجة الاب احيانا احن من الام نفسها، فبعض الامهات هن كذلك بالاسم فقط، فالام ليست التي تحمل وتلد، بل التي تربي وتسهر الليالي وتحن وتعطف.
وتؤيدها في الرأي جنان عدنان حيث تؤكد ان هناك زوجات اب قدمن كثيرا من التضحيات من اجل ابناء الزوج:
هناك عدد كبير من الافراد الناجحين كانت زوجة ابيهم سببا في نجاحهم وتفوقهم، بل سببا في توليهم أعلى المناصب لما حصلوا عليه من شهادات عالية، ودرجات متفوقة في مختلف التخصصات، الا ان الصورة السائدة مع الاسف ان زوجة الاب لا تحب ابناء زوجها، وتقسو عليهم.
والغريب انه عندما تعنف الام ابناءها عشرات المرات في اليوم الواحد، ننظر اليها على انها الام الحنون، ولو عنفتهم زوجة الاب مرة واحدة فهي في نظرنا زوجة الاب القاسية، علما بان شقاوة الاطفال عندما تتجاوز الحدود يمكن ان تخرج اي انسان عن طوره.
اعترافات زوجة اب
تعترف اماني ناصر، وهي زوجة اب، انها تغار بالفعل من ابناء زوجها وتقول بصراحة:
فاتني القطار كما يقولون فاضطررت الى الزواج من زوج له تجربة سابقة في الزواج (مطلق) وله ثلاثة ابناء، يعيشون مع امهم لكنهم يزورون والدهم كل يوم خميس. وعند الخطبة اخبرني بذلك واخبرني انه يلغي كل التزاماته ومواعيده في يوم الخميس لانه خصصه لابنائه، وعليه فلا بد ان اعد لهم الغداء وان اقابلهم واحاورهم ونجلس سويا جلسة عائلية، فوافقت وظنت ان الامر سيمر بسهولة.
ولكن بعد الزواج دبت الغيرة في قلبي، وصرت اكره يوم الخميس، وينتابني الاكتئاب من يوم الاربعاء، لان الخميس قادم بعده.
لقد تمنيت ان يكون زوجي لي وحدي ولا يشاركني احد فيه، لانه يحمل محبة كبيرة لاولاده ويداعبهم ويقبلهم ويلعب معهم وكأنهم صغار، على الرغم من ان ابنتيه في المرحلة الثانوية، ومع مرور الايام والاشهر قمت اتذمر من الداخل من دون ان اظهر ذلك الحقد، واخذت اسأل نفسي: هل انا الخادمة التي تعد الغداء لابناء غير ابنائها؟ هل انا عروس فعلا؟ وكيف اكون عروسا وانا ارتبط اسبوعيا بأبناء ليسوا ابنائي.
عندها بدأت اخترع الحجج لكي اتهرب من الطبخ يوم الخميس، كأن ادعي انني مريضة واشعر بدوار، واحيانا أتظاهر بالوحم، وذلك قبل الحمل، وعندما حملت فعلا تظاهرت بالمرض وبالوحم الشديد، وانني لا اقوى على رائحة الطبخ وكان زوجي يصدقني لانه لا يعرف الكذب، اما انا فعشت حياتي معه في كذب وخداع وخطط، احاول من خلالها ان اظهر حبي لابنائه واخفي كرهي لهم، وحتى انسيه ابناءه الثلاثة انجبت له اربعة ابناء لينسى السابقين ويعيش مع ابنائه الجدد الذين جاءوا مني لا من زوجته الاولى، اقصد طليقته'.
جحود ونكران
اما نورية سلطان السلطان فتجربتها مع ابناء زوجها مختلفة تماما، انها تجربة جنت من ورائها النكران والجحود:
تزوجت زوجي وانا في سن صغيرة، كان يكبرني سنا الا ان المجتمع الكويتي آنذاك كان يسمح بمثل هذه الظاهرة الا وهي زواج الشيخ من فتاة صغيرة، او زواج الرجل الناضج من فتاة تصغره بعشر سنوات.
كان زوجي متزوجا ابنة خالته، وانفصلا بعد ان انجبت له خمسة ابناء. وبعد ان ارتبط بي تنازلت مطلقته عن ابنائها الخمسة وتركتهم يعيشون معي فكنت لهم الام والاخت والصديقة، ولم اشعر ابدا بأنني زوجة اب، حتى بعد ان انجبت اولادي، بل لم افرق بينهم وبين اولادي، وفي احيان كثيرة كان اولادي يغيرون من اخوانهم من ابيهم، لرعايتي وتدليلي لهم، فلم اكن ارفض لهم طلبا وكنت ابحث عن راحتهم وعما يسعدهم، وكنت اغدق عليهم المال من دون علم والدهم.
ومرت السنوات، وبعد ان صاروا رجالا وتعينوا في احسن المناصب عادوا إلى أمهم، وتزوج بعضهم، ولم يعودوا يزوروني خاصة بعد موت والدهم، حتى انني لم التق بزوجاتهم، ولم ار ابناءهم، لقد انكر ابناء زوجي المعروف، ولم يعيروني اي اهتمام، ولم يكلفوا انفسهم زيارتي حتى في رمضان وفي الاعياد، على الرغم من انني لم اضرهم ولم اعنفهم، في يوم ما، ولم اضايقهم او اجرحهم بكلمة'.
تجربتان مختلفتان
وحتى تكتمل الصورة فلا بد ان نلتقي بابناء شاءت اقدارهم ان يعيشوا تحت كنف زوجة الاب، اما بسبب الطلاق وإما بسبب الموت، وإما لاسباب اخرى، ونعرض هنا تجربتين مختلفتين تماما.
منى محمد زيد ذاقت مرارة زوجة الاب وقسوتها وظلمها، تروي قصتها قائلة:
فتحت عيني على الدنيا لاجد نفسي اعيش مع زوجة ابي، فقد طلق والدي والدتي وانا في الصف الاول الابتدائي، وبعد خروج امي من العدة تزوجت برجل آخر، فأخذني والدي لأعيش معه ومع زوجته الجديدة، رضخت للأمر لأنني لا املك القرار، ولا املك تغيير القوانين.
وحاول والدي ان يثأر من والدتي لأنها تزوجت فحرمني منها، ومنعني من زيارتها حتى في الاعياد، وكانت المسكينة تقف بعيدا عند انصرافي من المدرسة لتلقي علي نظرة، والقي انا كذلك عليها نظرة، كنت اتمنى ان احضنها وان اقبلها، لكنني اخاف ان يراني والدي، فيسبب لها مشاكل، او يشتمها في الشارع او حتى يضربها، لأن والدي عنيف يده تسبق لسانه، ولعل هذا كان السبب الاول لطلب امي الطلاق منه.
لقد دلل والدي زوجته الجديدة وعندما طلبت منه في اول يوم دخلت فيه البيت ان اساعدها في اعمال المنزل، وافق ورحب بذلك لأنه ظن انها سوف تهيئني لأن اكون 'ست بيت' ماهرة مستقبلا، فتمادت زوجة ابي وكانت تثقلني بكل اعباء المنزل، وخصوصا عندما يكون والدي في عمله، كنت اغسل الاواني واكنس واقوم بكي الملابس وكل هذه الاعمال كنت اقوم بها وانا في المرحلة الابتدائية، وعندما دخلت المرحلة المتوسطة علمتني زوجة ابي الطبخ لكي اقوم بكل اعمال المنزل، خاصة في العطل الصيفية. اما في فترة الدراسة فكنت اجد المدرسة المتنفس الوحيد للعب بل اراها المنقذ من اعباء المنزل ومن قسوة زوجة ابي التي قتلت الطفولة في. فعندما كانت تزورها صديقتها ومعها ابنتها التي هي في مثل عمري، كانت زوجة ابي تمنعني من اللعب مع ابنة صديقتها، وتطلب مني ان اعد الشاي ولوازم الضيافة ثم بعد ذلك اغسل الأواني واقدم القهوة. وعندما تشاهدني ابنة صديقتها بهذا الوضع كانت تساعدني في اعمال المنزل حتى انتهي بسرعة، وبالتالي يتوافر لنا متسع من الوقت للعب.
انني لا اتذكر من زوجة ابي سوى القسوة والظلم، لأنها بعد انجبت كانت تفرق بالمعاملة بيني وبين ابنائها، وخصوصا البنات، فقد كن مدللات لا يقمن بأي عمل في المنزل، وكنت انا من تقوم بخدمتهن، حتى ان زوجة ابي رفضت جلب خادمة، وادعت ان الخادمات شر في المنزل. وعندما كنت اطلب المساعدة من بناتها تصرخ وتقول انت الكبيرة.
لا يمكن ان انسى تفرقتها بيننا في كل شيء.. في المعاملة وفي الملبس وحتى في الطعام، فقد كان يأكل ابناؤها وانا في المطبخ وكنت آكل ما تبقى منهم، كانت تقدم لهم الحلوى وتمنعني.
مرت الايام وانا الخادمة في المنزل حتى انتهيت من الثانوية، ولأن نسبتي لم تهيئني لدخول الجامعة رفضت زوجة ابي ان ادخل التطبيقي بحجة ان دورات التطبيقي مضيعة للوقت.
وبعد مرور سنتين تزوجت شابا انقذني من ظلم زوجة ابي، ان الله هو العالم بحالي وبما عانيته من ظلم، لذلك فقد عوضني بهذا الزوج الذي اعتبره ملاكا وليس من فئة البشر. لقد منحني الحب والحنان وسمح لي بزيارة والدتي يوميا، خاصة عندما علم ان والدي حرمني من رؤيتها، وعشت معه عشر سنوات انجبت له ثلاثة ابناء، وقد اشترى لي منزلا فاخرا، او يمكن ان نسميه قصرا.
ولكن الاقدار كانت تخبئ لي صدمة اخرى من دون ان اشعر، فقد سرقه الموت مني من دون سابق انذار وهو في عز شبابه، ولكن ولله الحمد لم ارجع إلى زوجة ابي، فأنا الان مسؤولة عن ايتام، ولي منزل خاص بي واستقللت عن ابي وزوجته سامحها الله'.
تجربة رائعة
اما المهندس صلاح فتختلف تجربته مع زوجة ابيه ويرويها قائلا:
تجربتي مع زوجة ابي رائعة، ونادرة في الوجود لان زوجة ابي عملة نادرة لا يمكن ان تتكرر. لقد ماتت والدتي وانا في الخامسة من عمري، وتزوج والدي زوجته الجديدة، وعشت معه ومع زوجته في وئام وحب، لانها كانت منبع الحب والامان واساس الاستقرار. انها تتميز بطيبة القلب، وقلبها يتسع للناس كلهم، ولا تعرف سوى العطاء من دون حدود وهذا العطاء لا يقتصر علي انا وحدي، فكانت تحن حتى على الخادمة، ولم تظلمها يوما ولا تثقلها باعباء المنزل، بل في احيان كثيرة كانت تساعدها في اعمال المنزل.
هذه المرأة الطيبة لا تعرف القسوة، وكان والدي محظوظا بها، لقد اغدقت علي حبها وحنانها، وعندما انجبت الاولاد لم تفرق بينهم وبيني، وكانت تقوم بتدريسي وتحرص على مذاكرتي وتسهر الليالي معي، وعندما تصعب علي مادة وهي لا تفهمها كانت تحرص على جلب مدرس خصوصي لي، وتدفع له لان والدي كان ضد الدروس الخصوصية.
لقد وقفت معي زوجة ابي وقفة لا تقفها حتى الام نفسها، حتى تخرجت من الثانوية بنسبة 95% ودخلت كلية الهندسة وكان تشجيعها لي السبب الاول في تفوقي، وانا الان اعد الدراسات العليا للحصول على شهادة الدكتوراه، ولولاها لما وصلت اليه من تفوق ونجاح ومنصب عال'.