فقد تخلين عن كل ما يميز المرأة من قيمها الحلوة وأنوثتها وتفانيها ورحمتها وحنوها وجمال العطاء غير المشروط ومحاورة الآخر بحب.
إن العمل في المجتمع بالنسبة لنا يجب أن يكون كالعمل داخل المنزل والأسرة، دون منة، لأنه واجب ضروري للتقدم وارقي في كل طبقات المجتمع المختلفة بيئياً وحضاريا وثقافياً. لماذا كل هذا التشاوف وتصدر الصفوف الأمامية في المناسبات واحتكارها من العاملات حسب ادعاءهن
تنمية المرأة خاصة والمجتمع عامة، أليس هذا العمل من صلب طبيعة المرأة؟ ألا تجسد هي الحب والعطاء والتفاني من أجل الغير؟ الإنسان الحضاري إنسان سعاده الجديد هو القادر أن يحافظ على قيمه ومثله العليا وأصالته وحريته الفكرية، لا أن يتماثل بالرجل المتسلط القامع المهدم للآخرين، السالب حقوقهم في التعبير والعمل، فقط لأنه مسؤول. وهل المسؤولية بدل أن نقول السلطة تعني التسلط؟ أوليس هذا التصرف من صلب الأمراض النفسية والانحطاط المناقبي؟
إلى اليوم لم يصل إلى موقع القرار من نساء سوى من كانت ابنة متنفذ أو زوجته أو أخته، أي أن هناك دائماً رجل يوصلها، لا هي بقدرتها الذاتية القادرة على التغيير. يقول نابليون " وراء كل رجل عظيم امرأة"، وعندنا انعكست الآية. تصل الإمرأة وتتماها بالرجل، ومن خلال مسؤوليتها العامة تفعل ما يرضيه لكي تستمر في موقعها، أي مصلحتها الذاتية لا مصلحة المجموع. على المرأة أولاً أن تؤمن بأنها إنسان كامل الحقوق مستقل في رأيه قادر على التأثير الايجابي في مجتمعه، دون التماثل بالرجل السلطوي الأبوي القامع، أن تكون امرأة بكل جمالاتها وقيمها الذاتية التي وهبتها إياها الطبيعة، كالمحبة والتفاني والعطف والايجابية والتفهم.
أين دور الحب في علاقة الرجل بالمرأة؟ هل نفهم الحب كما يجب أن يكون أم أن العقد النفسية تحكم بنا؟ هل التسلط يخدم استمرار الحب؟ هل قمع الشريك وإملاء الشروط عليه وقولبته حسب مزاج الرجل وبيئته ومفاهيمه يوصل إلى حياة مشتركة فضلى؟
هل التكاذب المتبادل يجلب الثقة والتفاهم؟ المرأة دائماً هي خانعة قابلة لقناعتها الخاطئة بأن هذا هو دورها. هكذا تعلمت من جدتها وأمها والمجتمع.
يقول سعاده:" أليس شريفاً ونبيلاً أن يفعل الإنسان كل شيء في سبيل الحب، إلا إهمال الواجب القومي. لولا الحب لما كان لأي تفاهم قيمة ". ويقول كذلك:" متى وجد الإنسان الحب فقد وجد أساس الحياة والقوة التي ينتصر بها على كل عدو".
أليس الموروث عدواً للتقدم؟ أليس الذكورية الأبوية التسلطية عدوة الإنسان الجديد الداعي لحرية الفكر وحرية الرأي وحرية الخيار المؤديين إلى الخلق والإبداع؟
أن نحب هو أن نقبل المحبوب كما هو لا كما نراه أن يكون.
في إحدى رسائله إلى من احب يقول سعادة:" أتمنى أن تكوني كما أرغب لك". ويقول لها في رسالة أخرى:" ضيائي، إنني أحبك كما أنت وكما تكونين بطبيعتك فحافظي عليها بكل قوتك ولا تدعي قوة تغلب إرادتك."
وإذا أعدنا قراءة القضيتين اللتين كتبهما سعادة أي " عيد سيدة صيدنايا" و"فاجعة حب"، نرى رأيه واضحاً في الحب كما في الموسيقى. ففي" عيد سيدة صيدنايا "، عرف ابراهيم طريق قلبه وسار إلى نهايتها معرضاً نفسه للموت دون وجل أو خوف للاتحاد بمن يحب، وفي " فاجعة حب" ترك سليم الحياة إلى الآخرة غير آسف لأن التقاليد البالية منعته من التوحد مع من أحب.
يصف سعادة شخص ابراهيم كالتالي:"الناظر إليه يدرك لأول وهلة أنه ليس من الذين ذهبت أخلاقهم وفسدت طباعهم من شبان هذا العصر الذين لم يحصلوا حين نشأتهم على تربية عائلية اجتماعية صحيحة ولا من الذين أنشبت مخالبها بهم المشارب القديمة الفاسدة التي لا تجر على من يتمسك بها في القرن الحاضر إلا الوبال. كانت نفسه بسيطة وكان في مقتبل العمر وأسميه ابراهيم ومن المؤكد أنه لم يأت إلى صيدنايا للقيام بفروض كنسية لأنه يحب الله والطبيعة حباً خالياً من الرهبة التي تدعو إلى السجود وتقديم القرابين ويهرب من الطقوس. ورغبته الوحيدة كانت أن يشترك في العيد ويرى مظاهر جديدة من مظاهر قومه الشعبية".اذاً ابراهيم مؤمن بصدق بعيداً عن الطقوس ولقد نال تربية اجتماعية صحيحة.
أما سليم في قصة" فاجعة حب"، فهو مع مفهوم التجدد ، ويتحدث عنه صديقه قائلاً: " إن الحديث المتقدم يوضح روح التجدد التي ملأت حياة سليم وأرادت أن تتناول عصراً وأمه ( وهنا أود أن أشدد على عصر وأمه)، ويتابع الصديق الذي اعلمه إن سليماً كان قد ابتدأ بنظم سمفونية في اتهاء عصر الخمول وبزوغ شمس يقظة الشعب السوري. والصدق يوجب عليّ أن أروي أن سليماً كان يعتقد أن نهضة الشعب ضرورية للتمدن، لأنه كان مؤمناً من مزايا الحرية والسلام والمحبة المتأصلة في قومه، وهو لم يكن يرمي من وراء ذلك إلى غرض سياسي بل إلى ما هو أعظم شأناً وأكثر فائدةً من الغرض السياسي. انه كان يرى الفورة السياسية أمراً تافهاً إذا لم تكن مرتكزة على نفسية متينة يثبتها في قلب كل فرد سواءً كان رجلاً أو امرأة أو شابة، أدب حي وفن وموسيقى يوحد العواطف ويجمعها حول مطلب أعلى حتى تصبح ولها ايمان اجتماعي واحد قائم على المحبة، المحبة التي إذا وجدت في نفوس شعب بكامله أوجدت في وسطه تعاوناً خالصاً وتعاطفاً جميلاً يملأ الحياة آمالاً ونشاطاً. حينئذ يصبح الجهاد السياسي شيئاً قابل الانتاج. أما الوطنية القائمة على تقاليد رجعية رثة فهي شيء عقيم ولو أدت إلى الحرية السياسية".
" إن حرية النفس أساس كل الحريات " ، هكذا يقول سعاده في مقطع آخر، " كما أن هذه الحرية تثير غضباً في النفس وثورة على الاستبداد والظلم".
لا يجوز أن يتدخل أحداً في حياة الآخر كائناً من كان أباً أو أماً أو أخاً أو من الأقارب. الحياة ملك صاحبها وهو يحياها كما يشاء وكما يرى سعادته فيها.
أين هي حرية الرأي وحرية الاختيار في نظر هذا الأمين قبل أن نسأل عن رأيه في الاختلاف الديني والمذهبي؟
لنسأل أنفسنا بتجرد هل وصل فكر سعاده إلى وجدان الناس؟ هل بعد سبعين عاماً على إنشاء افكاره حققنا انتصاراً حقيقياً في الوجدان الإنساني للأمة؟ هل انتقلنا من الإنسان القديم إلى الإنسان الجديد؟ أين نحن من القيم والمثل العليا والأخلاق؟ كيف نمارس ما نؤمن به وبالأحرى ما قرأناه عند سعاده، أم أن انفصاماً حاداً يسكننا؟ فبين القول والممارسة بعدٌ شاسع!!..
ولنسأل أنفسنا بصدق هل تخلصنا من رواسب العادات والتقاليد الضارة بوحدتنا وتقدمنا؟ هل نزعنا عنا الأمراض النفسية التي تكبلنا وتحرمنا من العيش بحرية وصدق ووضوح مع أنفسنا ومع الآخرين؟ هل تخلينا عن أنانيتنا الذاتية ومصالحنا الضيقة للعمل لمصلحة المجموع، وبناء الأمة الراقية الهادية للأمم؟ لنسأل جميعنا هذه الأسئلة ولنرى أين وصلنا.
يقول سعاده:" لا يظنن أحد أن الجعجعة الباطلة تستر الحقيقة، وكذلك لا يسترها اختلاق الأعذار والتفلسف".
حتى لا نختم على تشاؤم نقول حسب الواقع أن المرأة في السنوات الأخيرة ( عن طريق عملها خارج المنزل واستقلالها الاقتصادي) لم تعد تقبل الخضوع للزوج أو للأب كما في السابق، لأنها تجد لها مأوى في عملها وفي أجرها الذي تناله من هذا العمل. وقد ساعد الاستقلال الاقتصادي المرأة على أن تستقل نفسياً واجتماعياً. لكن معظم الرجال يميلون بحكم تسلطهم الأبوي إلى اختيار المرأة أو الزوجة الخاضعة والمطيعة لخدمته. غير أن هناك دائماً هؤلاء الرجال على قلتهم الذين ارتفعوا بمنهجهم العلمي وتفتحهم الذهني والإنساني، الذين أدركوا أن مصالحهم على اعتبارهم رجالاً لا تكون إلا مع المرأة الجديدة القوية المستقلة الشجاعة الذكية الايجابية الحرة. هذه المرأة هي التي تستطيع أن تفهم معنى الحب الحقيقي ومعنى العمل ومعنى الحياة ومعنى الأبوة ومعنى الأمومة ومعنى الجنس، ومعها يستطيع الرجل المتنور أن يتذوق طعماً للحياة أكثر عمقاً وأكثر لذةً وأكثر إنسانية.
رابطة حرة صادقة أساسها الاختيار والتفاهم. وإذا كانت هذه المرأة لم تقدم لغاية الآن على المشاركة في العمل السياسي أو في موقع لأخذ القرار فلأنها تدرس الأمور كما يجب، وتقارن إمكانياتها الذاتية في ملء هذا الواقع على عكس الرجل الذي يتكل على التسلط وسياسة الترغيب والترهيب، ويتنطح لأي موقع دون مراعاة لإمكانياته العلمية والفكرية والثقافية، ولهذا يصعب التقدم والرقي والخلق والإبداع في ظل تسلطهم.
المهم أن يسمع كل منا رأي الآخر، أن نفكر ونستمع إلى العقل وما يقوله العقل، وأن نكون مستعدين لتقبل نظرة جديدة.
نحن بحاجة إلى قبول الآخر، ورؤية الأشياء من موقع آخر، المهم أن نكتشف ما يجمع بين وجهتي نظر مختلفتين، لا أن نركز على اختلافهما، فننهي الحوار ونعلن استحالة الحوار.
في حالة أمتنا الحاضرة نحن بحاجة إلى كل العقول وكل السواعد لاستعادة الكرامة الذبيحة والعزّ المفقودة.
إن العمل في المجتمع بالنسبة لنا يجب أن يكون كالعمل داخل المنزل والأسرة، دون منة، لأنه واجب ضروري للتقدم وارقي في كل طبقات المجتمع المختلفة بيئياً وحضاريا وثقافياً. لماذا كل هذا التشاوف وتصدر الصفوف الأمامية في المناسبات واحتكارها من العاملات حسب ادعاءهن
تنمية المرأة خاصة والمجتمع عامة، أليس هذا العمل من صلب طبيعة المرأة؟ ألا تجسد هي الحب والعطاء والتفاني من أجل الغير؟ الإنسان الحضاري إنسان سعاده الجديد هو القادر أن يحافظ على قيمه ومثله العليا وأصالته وحريته الفكرية، لا أن يتماثل بالرجل المتسلط القامع المهدم للآخرين، السالب حقوقهم في التعبير والعمل، فقط لأنه مسؤول. وهل المسؤولية بدل أن نقول السلطة تعني التسلط؟ أوليس هذا التصرف من صلب الأمراض النفسية والانحطاط المناقبي؟
إلى اليوم لم يصل إلى موقع القرار من نساء سوى من كانت ابنة متنفذ أو زوجته أو أخته، أي أن هناك دائماً رجل يوصلها، لا هي بقدرتها الذاتية القادرة على التغيير. يقول نابليون " وراء كل رجل عظيم امرأة"، وعندنا انعكست الآية. تصل الإمرأة وتتماها بالرجل، ومن خلال مسؤوليتها العامة تفعل ما يرضيه لكي تستمر في موقعها، أي مصلحتها الذاتية لا مصلحة المجموع. على المرأة أولاً أن تؤمن بأنها إنسان كامل الحقوق مستقل في رأيه قادر على التأثير الايجابي في مجتمعه، دون التماثل بالرجل السلطوي الأبوي القامع، أن تكون امرأة بكل جمالاتها وقيمها الذاتية التي وهبتها إياها الطبيعة، كالمحبة والتفاني والعطف والايجابية والتفهم.
أين دور الحب في علاقة الرجل بالمرأة؟ هل نفهم الحب كما يجب أن يكون أم أن العقد النفسية تحكم بنا؟ هل التسلط يخدم استمرار الحب؟ هل قمع الشريك وإملاء الشروط عليه وقولبته حسب مزاج الرجل وبيئته ومفاهيمه يوصل إلى حياة مشتركة فضلى؟
هل التكاذب المتبادل يجلب الثقة والتفاهم؟ المرأة دائماً هي خانعة قابلة لقناعتها الخاطئة بأن هذا هو دورها. هكذا تعلمت من جدتها وأمها والمجتمع.
يقول سعاده:" أليس شريفاً ونبيلاً أن يفعل الإنسان كل شيء في سبيل الحب، إلا إهمال الواجب القومي. لولا الحب لما كان لأي تفاهم قيمة ". ويقول كذلك:" متى وجد الإنسان الحب فقد وجد أساس الحياة والقوة التي ينتصر بها على كل عدو".
أليس الموروث عدواً للتقدم؟ أليس الذكورية الأبوية التسلطية عدوة الإنسان الجديد الداعي لحرية الفكر وحرية الرأي وحرية الخيار المؤديين إلى الخلق والإبداع؟
أن نحب هو أن نقبل المحبوب كما هو لا كما نراه أن يكون.
في إحدى رسائله إلى من احب يقول سعادة:" أتمنى أن تكوني كما أرغب لك". ويقول لها في رسالة أخرى:" ضيائي، إنني أحبك كما أنت وكما تكونين بطبيعتك فحافظي عليها بكل قوتك ولا تدعي قوة تغلب إرادتك."
وإذا أعدنا قراءة القضيتين اللتين كتبهما سعادة أي " عيد سيدة صيدنايا" و"فاجعة حب"، نرى رأيه واضحاً في الحب كما في الموسيقى. ففي" عيد سيدة صيدنايا "، عرف ابراهيم طريق قلبه وسار إلى نهايتها معرضاً نفسه للموت دون وجل أو خوف للاتحاد بمن يحب، وفي " فاجعة حب" ترك سليم الحياة إلى الآخرة غير آسف لأن التقاليد البالية منعته من التوحد مع من أحب.
يصف سعادة شخص ابراهيم كالتالي:"الناظر إليه يدرك لأول وهلة أنه ليس من الذين ذهبت أخلاقهم وفسدت طباعهم من شبان هذا العصر الذين لم يحصلوا حين نشأتهم على تربية عائلية اجتماعية صحيحة ولا من الذين أنشبت مخالبها بهم المشارب القديمة الفاسدة التي لا تجر على من يتمسك بها في القرن الحاضر إلا الوبال. كانت نفسه بسيطة وكان في مقتبل العمر وأسميه ابراهيم ومن المؤكد أنه لم يأت إلى صيدنايا للقيام بفروض كنسية لأنه يحب الله والطبيعة حباً خالياً من الرهبة التي تدعو إلى السجود وتقديم القرابين ويهرب من الطقوس. ورغبته الوحيدة كانت أن يشترك في العيد ويرى مظاهر جديدة من مظاهر قومه الشعبية".اذاً ابراهيم مؤمن بصدق بعيداً عن الطقوس ولقد نال تربية اجتماعية صحيحة.
أما سليم في قصة" فاجعة حب"، فهو مع مفهوم التجدد ، ويتحدث عنه صديقه قائلاً: " إن الحديث المتقدم يوضح روح التجدد التي ملأت حياة سليم وأرادت أن تتناول عصراً وأمه ( وهنا أود أن أشدد على عصر وأمه)، ويتابع الصديق الذي اعلمه إن سليماً كان قد ابتدأ بنظم سمفونية في اتهاء عصر الخمول وبزوغ شمس يقظة الشعب السوري. والصدق يوجب عليّ أن أروي أن سليماً كان يعتقد أن نهضة الشعب ضرورية للتمدن، لأنه كان مؤمناً من مزايا الحرية والسلام والمحبة المتأصلة في قومه، وهو لم يكن يرمي من وراء ذلك إلى غرض سياسي بل إلى ما هو أعظم شأناً وأكثر فائدةً من الغرض السياسي. انه كان يرى الفورة السياسية أمراً تافهاً إذا لم تكن مرتكزة على نفسية متينة يثبتها في قلب كل فرد سواءً كان رجلاً أو امرأة أو شابة، أدب حي وفن وموسيقى يوحد العواطف ويجمعها حول مطلب أعلى حتى تصبح ولها ايمان اجتماعي واحد قائم على المحبة، المحبة التي إذا وجدت في نفوس شعب بكامله أوجدت في وسطه تعاوناً خالصاً وتعاطفاً جميلاً يملأ الحياة آمالاً ونشاطاً. حينئذ يصبح الجهاد السياسي شيئاً قابل الانتاج. أما الوطنية القائمة على تقاليد رجعية رثة فهي شيء عقيم ولو أدت إلى الحرية السياسية".
" إن حرية النفس أساس كل الحريات " ، هكذا يقول سعاده في مقطع آخر، " كما أن هذه الحرية تثير غضباً في النفس وثورة على الاستبداد والظلم".
لا يجوز أن يتدخل أحداً في حياة الآخر كائناً من كان أباً أو أماً أو أخاً أو من الأقارب. الحياة ملك صاحبها وهو يحياها كما يشاء وكما يرى سعادته فيها.
أين هي حرية الرأي وحرية الاختيار في نظر هذا الأمين قبل أن نسأل عن رأيه في الاختلاف الديني والمذهبي؟
لنسأل أنفسنا بتجرد هل وصل فكر سعاده إلى وجدان الناس؟ هل بعد سبعين عاماً على إنشاء افكاره حققنا انتصاراً حقيقياً في الوجدان الإنساني للأمة؟ هل انتقلنا من الإنسان القديم إلى الإنسان الجديد؟ أين نحن من القيم والمثل العليا والأخلاق؟ كيف نمارس ما نؤمن به وبالأحرى ما قرأناه عند سعاده، أم أن انفصاماً حاداً يسكننا؟ فبين القول والممارسة بعدٌ شاسع!!..
ولنسأل أنفسنا بصدق هل تخلصنا من رواسب العادات والتقاليد الضارة بوحدتنا وتقدمنا؟ هل نزعنا عنا الأمراض النفسية التي تكبلنا وتحرمنا من العيش بحرية وصدق ووضوح مع أنفسنا ومع الآخرين؟ هل تخلينا عن أنانيتنا الذاتية ومصالحنا الضيقة للعمل لمصلحة المجموع، وبناء الأمة الراقية الهادية للأمم؟ لنسأل جميعنا هذه الأسئلة ولنرى أين وصلنا.
يقول سعاده:" لا يظنن أحد أن الجعجعة الباطلة تستر الحقيقة، وكذلك لا يسترها اختلاق الأعذار والتفلسف".
حتى لا نختم على تشاؤم نقول حسب الواقع أن المرأة في السنوات الأخيرة ( عن طريق عملها خارج المنزل واستقلالها الاقتصادي) لم تعد تقبل الخضوع للزوج أو للأب كما في السابق، لأنها تجد لها مأوى في عملها وفي أجرها الذي تناله من هذا العمل. وقد ساعد الاستقلال الاقتصادي المرأة على أن تستقل نفسياً واجتماعياً. لكن معظم الرجال يميلون بحكم تسلطهم الأبوي إلى اختيار المرأة أو الزوجة الخاضعة والمطيعة لخدمته. غير أن هناك دائماً هؤلاء الرجال على قلتهم الذين ارتفعوا بمنهجهم العلمي وتفتحهم الذهني والإنساني، الذين أدركوا أن مصالحهم على اعتبارهم رجالاً لا تكون إلا مع المرأة الجديدة القوية المستقلة الشجاعة الذكية الايجابية الحرة. هذه المرأة هي التي تستطيع أن تفهم معنى الحب الحقيقي ومعنى العمل ومعنى الحياة ومعنى الأبوة ومعنى الأمومة ومعنى الجنس، ومعها يستطيع الرجل المتنور أن يتذوق طعماً للحياة أكثر عمقاً وأكثر لذةً وأكثر إنسانية.
رابطة حرة صادقة أساسها الاختيار والتفاهم. وإذا كانت هذه المرأة لم تقدم لغاية الآن على المشاركة في العمل السياسي أو في موقع لأخذ القرار فلأنها تدرس الأمور كما يجب، وتقارن إمكانياتها الذاتية في ملء هذا الواقع على عكس الرجل الذي يتكل على التسلط وسياسة الترغيب والترهيب، ويتنطح لأي موقع دون مراعاة لإمكانياته العلمية والفكرية والثقافية، ولهذا يصعب التقدم والرقي والخلق والإبداع في ظل تسلطهم.
المهم أن يسمع كل منا رأي الآخر، أن نفكر ونستمع إلى العقل وما يقوله العقل، وأن نكون مستعدين لتقبل نظرة جديدة.
نحن بحاجة إلى قبول الآخر، ورؤية الأشياء من موقع آخر، المهم أن نكتشف ما يجمع بين وجهتي نظر مختلفتين، لا أن نركز على اختلافهما، فننهي الحوار ونعلن استحالة الحوار.
في حالة أمتنا الحاضرة نحن بحاجة إلى كل العقول وكل السواعد لاستعادة الكرامة الذبيحة والعزّ المفقودة.