السلام عيكم
أخوتي وأخواتي أعضاء ومشرفين أحببت أن أقدم لكم قصة من حياة صحابية لعلنا ننتفع بها
بسم الله الرحمن الرحيم
الخنساء بنت عمرو بن الشريد رضي الله عنها
كانت الخنساء شاعرةً مطبوعة على الشعر فصيحة القول بليغة اللفظ وكان زوجها فقير الحال قليل المال محدود الرزق فكانت تعتدم على أخيها ( صخر ) فينفق عليها ويواسيها .
كان صخر فتى العشيرة وسيد القبيلة فأصيب بطعنة قاتلة إثر غارة على ( بني أمية ) ومات بعد ذلك فتفجر حب الخنساء الكامن في قلبها فغدا على لسانها قصائد طوالاً ترثي فيها صخراً وتبكيه ...... حتى قيل : لم تكن إمرأةُ قبلها ولا بعدها أشعر منها كانت الخنساء تذكر مودة صخر وطيب حديثة فتقول :
ألا يا صخر إن أبكيت عيني.....فقد أضحكتني دهراً طويلا
وإذ قبح البكاء على قتيل..... رأيت بكاءكالحسن جميل ؟!
وبقيت الخنساء تنظم الشعر حزناً على أخيها حتى ملأ ت الدنيا عويلاً برثائها بأخيها أسلمت الخنساء وتغلغل الإيمان في ثنايا فؤادها , وتمكن من قلبها ونفسها ومشاعرها فأصبحت سيدة مؤمنة متفقهةً متعلمةً تربي أبناءها وتنشئهم على طاعة الله عز وجل , وحب الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة , ونشر دينه وطلب رضوانه .
خرجت الخنساء مع أبنائها الأربعة في جيش المسلمين القاصد إلى العراق لمحاربة الفرس وإزالة كفرهم .
ولما اجتمع الناس بالقادسية دعت الخنساء أبنائها الأربعة فأوصتهم قا ئلة : يا بني إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين والله ما نيت _ ابتعدت _ بكم الدار , ولا أقحمتكم السنة _ أهلككم _ الطمع , والله الذي لا إله إلا هو , إنكم لبنو رجل واحد , ولا فضحت خالكم , ولا غيرت نسبكم , ولا أوطأت حريمكم , ولا أبحث حماكم .
وقد تعلمون ما أعد الله لكم من الثواب الجزيل في حرب الكافرين , واعلمو أن الدار الباقية خير من الدار الفانية , فإن أصبحتم غداً إن شاء سالمين , فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين , وبالله على أعدائه مستنصرين , فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها , واضرب لظاها على سياقها , وجللت ناراً على أوراقها _ وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها _ فرق الجيش الخمسة _ تظفروا بالمغنم والسلامة , والفوز والكرامة في دار الخلد والمقامة . فخرج أبناؤها قابلين لنصحها , فلما أضاء لهم الصبح بكروا إلى مراكزهم , وأنشأ أولهم يقول .
يا أخوتيإن العجوز الناصحة ...... قد نصحتنا إذ رعتنا البارحه
مقالةً ذات بيان واضحه ...... فباكروا الحب الضروس الكالحه
وإنما تلقون عند الصائحه ...... من آل ساسان كلاباً نابحه
قد أيقنوا منكم بوقع الجائحه ...... وأنتم بين حياة صالحه
.................أو ميتة تورث غنماً رابحه ...................
وتقدم فقاتل حتى قتل _رحمه الله تعالى -. ثم تقدم الثاني وهو يقول :
إن العجوز ذات حزم وجلد ...... والنظر الأوفق والرأي الأسد
قد أمرتنا بالسداد والرشد ...... نصيحةً منها وبراً بالولد
فباكروا الحرب حماة في العدد ...... إما لفوز بارد على الكبد
أو ميتة تورثكم غنم الأبد ...... في جنة الفردوس والعيش الرغد
فقاتل حتى اشتشهد _ رحمه الله تعالى _ .
ثم تقدم الثالث وهو يقول :
والله لا نعصي العجوز حرفا ...... قد أمرتنا حدباً وعطفا
نصحاً وبراً صادقاً ولطفا ...... فبادروا الحرب الضروس زحفا
حتى تكفوا آل كسرى كفا ...... وتكشفوهم عن حماكم كشفا
إنا نرى التقصير عنهم ضعفا ...... والقتل فيهم نجدةً وعرفا
فقاتل حتى استشهد _ رحمه الله تعالى -.
وحمل الرابع وهو يقول :
إن لم تزر في آل جمع الأعجم ...... جميعأبي ساسان جميع رستم
بكل محمود اللقاء ضيغم ...... ماض على القول خضم خضرم
إما لقهر عاجل أو مغنم ...... أو لحياة في السبيل الأكرم
................. نفوز فيها بالنصيب الأعظم .................
فقاتل حتى قتل _ رحمه الله تعالى _ وفتح الله عز وجل للمسلمين ومن عليهم بالنصر المبين فلما بلغ أمهم الخنساء خبر استشهادهم , قالت الحمد الله الذي شرفني بقتلهم , وأرجو من ربي ان يجمعني بهم في مستقر رحمته .