من قصص الحيوان فى القرآن
ناقة صالح
ناقة صالح
قال تعالى: " هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل فى أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم " سورة الاعراف -آية 73
الحديث على لسان ناقة صالح
لست غير خير محض لا يعرف الشرور
براءة البراءة.....هذه انا
لم اؤذ احدا قبل ان اولد...ولم اؤذ احدا بعد ان ولدت....ورغم ذلك ادركنى الذبح دون اى ذنب جنيت ...رغم تحذير الله لمن يفعل ذلك
رغم هذا ذبحت
كان معنى ذبحى يشبه معنى ذبح البراءة على الارض
او ربما كان ذبحى هو بداية القانون الذى يجبر الخير ان يقدم دمه على مذبح الحياة
ولدت من احضان جبل شاهق بكلمة من الله .... كنت جزءا من الصخور وتحولت من طيات الصخر الجامد الى لحم لين
وتدفقت الدماء فى العروق وراح الدم يصنع اللبن... امتلأت اثدائى باللبن... كنت احمل وليدى فى بطنى فلما ولدته دررت اللبن الذى باركه الله وسقيت الاف الجوعى والظائمين من اللبن كنت اسقيهم يوما واسقى وليدى الصغير يوما
ناقة صالح.....هذا اسمى فى التاريخ البشرى
ناقة الله.....هذا اسمى فى كتاب الله
"ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية"
نسبنى الله عز وجل الى اسمه تشريفا لى واعلاء لشأنى حيث اننى اية من ايات الله
كنت حبا محضا يواجه الكراهية البحتة
ولدت فى قوم ثمود ...... هؤلاء قوم اقوياء الشهوات ضعاف العقول
وقد زادت مأساتهم بثرائهم فأضيف لقوة الشهوات قدرة عليها
كان هؤلاء القوم يعبدون الاصنام
الاغلبية كانت انجرفت الى عبادة المصالح الخاصة والذهب وكل اوثان النفس ورغابتها التى لا تحد
كان لهؤلاء القوم واغنيائهم قصور فى سهول المدينة وكانت بيوتهم منحوتة فى الجبال
ثم شاء الله تعالى ان يبعث نبيا الى ثمود
اصطفى منهم اكثرهم توحيدا ونقاء وصلاحا وبعثه الى قومه
كان اسمه يحمل حقيقة جوهره
صالح ..... كان هذا اسمه
قال صالح عليه السلام لقومه "ياقوم إعبدوا الله ما لكم من اله غيره" نفس الكلمة التى قالها قبله هود ونوح وكل انبياء الله ورسله
قبله وبعده لاتتغير الكلمة من نبى الى نبى
امانة النبى فى جوهرها تكمن فى تسع كلمات
يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
كان اول سلاح وجهه القوم الى صالح قولهم : اثبت انك نبى
وقالوا: " يا صالح ..قد كنت فينا مرجوا قبل هذا.. اتنهانا ان نعبد ما يعبد اباؤنا... واننا لفى شك مما تدعونا اليه مريب"
سأل صالح وصدره مازال على اتساعه لقومه
ماذا تريدون ان اقدم؟
قالوا: قدم بينة على نبوتك
سألهم : ماذا تريدون؟
قالوا نحن لا نريد ان نعجزك ولكن نريد امرا خارقا لم يحدث من قبل نريد اية من الله على نبوتك
سالهم: ماذا تريدون؟
قالوا هذا الجبل القريب لماذا لا يلد ناقة لماذا لا تدعو الله ان ينشق الجبل عن ناقة تخرج منه؟
سالهم : وتصدقون اننى مرسل من الله لو فعلت؟
قالوا: نعم
قال لهم صالح : انتم تطلبون اية مادية خارقة للناموس وليس من ادب العباد ان يطلبوا من ربهم خرق الناموس ليؤمنوا به
قالوا: من حقنا ان تقدم الينا الدليل على دعواك
قال صالح : اخشى لو اجبتكم ان تكفروا بهذه الاية واخاف عليكم من عذاب الله لو فعلتم
حين ادرك صالح انهم مصرون دعا ربه ان يجيب القوم طلبهم
وخرجت من الصخور وولدت سطعت الخارقة امام اعينهم فبهرتهم
قال صالح لقومه : ان الله يعدكم بعذاب قريب اذا مس احدكم الناقة يسوء واعترفوا له انهم لن يمسوها بسوء
مكثت فيهم وبعد مرور يوم من المعجزة كانوا يتأملونى بدهشة بالغة وابهار مطلق
ثم ولدت صغيرى فى اليوم الثالث من ظهورى فى ارض ثمود
وبدأت ارضع وليدى وتأمل قوم ثمود اللبن وجرى ريقهم اليه واسرعوا الى نبيهم صالح
وحدثوه من اخبار البعير الذى ولد واللبن الذى يتدفق من اثدائه
قالوا نريد ان نستفيد من ناقة الله ان ابنها لن يشرب كل لبنها ولعل لبنها مبارك
حدثهم صالح ان لبنى مباح لهم برحمة من الله لكنه قسمه بينى وبينهم
قال: تتركون الماء للناقة يوم تشربه وتشربون انتم من لبنها
وفى اليوم الثانى تشربون الماء وتتركون اللبن لوليدها
ووافق القوم على اقتراح نبيهم واقروه
كان لبنى ثرى المذاق وكان من يشربه لا يظمأ ولا يجوع وكنت كريمة معهم
ومرت الايام واحبنى القوم
احبنى الفقراء المؤمنون الذين اتبعوا صالحا وكانوا يسموننى ناقة الله
بينما كان رؤساء المجتمع وحكامه واثرياؤه يسموننى ناقة صالح
ومع الوقت احسست بشىء من الكراهية يحيط بى و يحاصرنى
ثم وقع حوار بين المؤمنين بصالح وآيته والكافرين بالله
"قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم : اتعلمون ان صالحا مرسل من ربه , قالوا إنا بما ارسل به مؤمنون قال الذين استكبروا : إنا بالذى آمنتم به كافرون"
وبدأ اجتماع تاريخى من سادة ثمود ورؤسائهم وكانوا جميعا لا يؤمنون بدعوة صالح
قال رئيس القوم : ان وجود ناقة ترعى بحريتها قد نزع كل سلطان لنا
وان وجود الناقة تذكير مستمر للناس بآية الله وتصديق دائم بنبوة صالح
قال اشدهم قسوة: يجب التخلص منها
وتم الوصول الى قرار بشأنى فى الاجتماع التاريخى الشهير الذى عقده قوم ثمود
كان القرار هو الذبح
فى البداية فزع الحاضرون من فكرة الذبح وقالوا ان صالح حذر من لمس الناقة وتوعدنا بعذاب
رهيب يحل بعد ثلاثة ايام
وراحوا يفكرون فى محاولة للتخلص منى
ولعبت الخمر برؤسهم وقال قائدهم: ليس هناك غير ذبح الناقة ان وجودها يهدد النظام الحاكم كله بما فيه من شيوخ ورؤساء واغنياء لهم مصالح
ان المجتمع كله مهدد بسبب هذه الناقة
كان السؤال كيف نقتل الناقة ومن الذى سنكلفه بقتل الناقة؟
بوصفى رمزا للبراءة لم اكن اعلم السبب فى ارادتهم ذبحى وماذا فعلت لهم من شر ليبرر ذبحى؟
لم يكن هناك جواب لسؤالى
واحنيت رأسى ومضيت اقدم اللبن والحنان
احسست ان قرار ذبحى قد صدر ولم يعد الا تنفيذه
واحسست بالحزن
وذات ليلة وابنى الصغير يستدفىء فى صدرى احسست بالحزن على مصير البراءة
لماذا يذبح الناس البراءة فى هذا العالم؟
ومرت ليلتان وجاءت الثالثة واحسست انها ليلتى الاخيرة وسط قوم ثمود
انتهى الامر وتم اتفاق الملأ مع تسعة من كبار المجرمين فى المدينة
وانتخب التسعة من بينهم اشدهم شراسة وقوة وعهدوا اليه بمهمة قتلى
سيذكرهم الله تعالى فى السياق ويغفل اسماءهم
وكان فى المدينة تسعة رهط يفسدون فى الارض ولا يصلحون"
كان هؤلاء هم اداة الجريمة اما المنفذ فكان رجلا اشير اليه بوصفه صاحبهم
"انا مرسلوا الناقة فتنة لهم, فارتقبهم واصطبر ونبئهم ان الماء قسمه بينهم كل شرب محتضر, فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر , فكيف كان عذابى ونذر" ا
وقفت حين دخل القاتل رفع يده بالسف فأسرعت احمى صغيرى امتد سيفه الى قدمى ففصلها عن جسدى
ووقعت على الارض ساجدة
تجمع عذاب رهيب يفصله عنا ثلاثة ايام
رأيت قسوة العذاب فأشفقت على من يصيبه مثل هذا العذاب
اهاج مرأى الدم النافذ من قدمى عقل القاتل
فرفع سيفه وهبط به على عنقى
بماذا احسست؟
احسست بالراحة والعذوبة والرضا كان الشعور رائعا
لحظات الاستشهاد دائما رائعة
تحولت مع وليدى الى جزء من صخور الجبل
وبقى معنى البراءة مذبوحا على الارض
اما قوم صالح فقد تحولوا الى خبر يرد فى كتاب الله باختصار
"إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر"